الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَتُكْرَهُ الْمَحَارِيبُ فِي الْمَسَاجِدِ, وَوَاجِبٌ كَنْسُهَا, وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُطَيِّبَ بِالطِّيبِ: وَيُسْتَحَبُّ مُلاَزَمَةُ الْمَسْجِدِ لِمَنْ هُوَ فِي غِنًى عَنْ الْكَسْبِ وَالتَّصَرُّفِ وَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا الْمَحَارِيبُ فَمُحْدَثَةٌ, وَإِنَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقِفُ وَحْدَهُ وَيَصُفُّ الصَّفُّ الأَوَّلُ خَلْفَهُ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْهَمْدَانِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حدثنا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ عن ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ, لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلاَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَشَفَ سَجْفَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَنَظَرَ إلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاَةِ ثُمَّ تَبَسَّمَ, فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ, وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الصَّلاَةِ, وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَشَارَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ: أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ, ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ. قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِحْرَابٍ لَمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ كَشَفَ السِّتْرَ, وَكَانَ هَذَا يَوْمَ مَوْتِهِ عليه السلام وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْمِحْرَابَ فِي الْمَسْجِدِ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى فِي طَاقِ الإِمَامِ, قَالَ سُفْيَانُ وَنَحْنُ نَكْرَهُهُ وَعَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْت الْحَسَنَ جَاءَ إلَى ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ فَحَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَقَالَ ثَابِتٌ: تَقَدَّمْ يَا أَبَا سَعِيدٍ, قَالَ الْحَسَنُ: بَلْ أَنْتَ أَحَقُّ, قَالَ ثَابِتٌ: وَاَللَّهِ لاَ أَتَقَدَّمُك أَبَدًا فَتَقَدَّمَ الْحَسَنُ فَاعْتَزَلَ الطَّاقَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَالَ مُعْتَمِرٌ: وَرَأَيْت أَبِي, وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ يَعْتَزِلاَنِهِ وَعَنْ وَكِيعٍ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ تَنْقُصُ أَعْمَارُهُمْ, يُزَيِّنُونَ مَسَاجِدَهُمْ, وَيَتَّخِذُونَ لَهَا مَذَابِحَ كَمَذَابِحِ النَّصَارَى فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ صُبَّ عَلَيْهِمْ الْبَلاَءُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ. وأما كَنْسُ الْمَسَاجِدِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ, وَأَنْ تُطَيَّبَ وَتُنَظَّفَ قَالَ عَلِيٌّ: الدُّورُ هِيَ الْمَحَلاَّتُ, وَالأَرْبَاضُ, تَقُولُ: دَارُ بَنِي عَبْدَ الأَشْهَلِ, وَدَارُ بَنِي النَّجَّارِ تُرِيدُ: مَحَلَّةَ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، حدثنا حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ, فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ, فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَحَكَّتْهَا وَجَعَلَتْ مَكَانَهَا خَلُوقًا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَحْسَنَ هَذَا . وَالتَّحَدُّثُ فِي الْمَسْجِدِ بِمَا لاَ إثْمَ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا, مُبَاحٌ, وَذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى أَفْضَلُ. وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ فِيهِ مُبَاحٌ, وَالتَّعَلُّمُ فِيهِ لِلصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ مُبَاحٌ, وَالسَّكَنُ فِيهِ وَالْمَبِيتُ مُبَاحٌ, مَا لَمْ يَضِقْ عَلَى الْمُصَلِّينَ, وَإِدْخَالُ الدَّابَّةِ فِيهِ مُبَاحٌ إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ, وَالْحُكْمُ فِيهِ وَالْخِصَامُ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ, وَالتَّطَرُّقُ فِيهِ جَائِزٌ, إلاَّ أَنَّ مَنْ خَطَرَ فِيهِ بِنَبْلٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُمْسِكَ بِحَدَائِدِهَا, فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي كُلِّ مَا أَصَابَ مِنْهَا. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ, فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ, فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ لِقَوْمٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ إلاَّ الدَّمَ يَسِيلُ إلَيْهِمْ, فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ, مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا, فَمَاتَ مِنْهَا. وَحَدِيثُ السَّوْدَاءِ الَّتِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا. وَأَهْلُ الصُّفَّةِ كَانُوا سُكَّانًا فِي الْمَسْجِدِ وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ فِي الْمَسْجِدِ. وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: شَكَوْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَشْتَكِي, قَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي الْحَدْرَدِ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ, فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ إلَيْهِمَا فَنَادَى: يَا كَعْبُ ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا, وَأَوْمَأَ إلَيْهِ: أَيْ الشَّطْرَ, قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم عن ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَحَظَ إلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ كُنْت أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حدثنا الْوَلِيدُ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا الأَوْزَاعِيُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنِّي لاََقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ. وَقَدْ صَلَّى عليه السلام حَامِلاً أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ، حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حدثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حدثنا أَبُو بُرْدَةَ هُوَ بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ هُوَ جَدُّهُ عَامِرُ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ لاَ يَعْقِرْ مُسْلِمًا. قَالَ عَلِيٌّ: وَالْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ عَنْ إنْشَادِ الشِّعْرِ لاَ يَصِحُّ; لأَِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ", وَهِيَ صَحِيفَةٌ. وَرُوِّينَا عن ابْنِ عُمَرَ, وَالْحَسَنِ, وَالشَّعْبِيِّ: إبَاحَةَ التَّطَرُّقِ فِي الْمَسْجِدِ. وَدُخُولُ الْمُشْرِكِينَ فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ: جَائِزٌ, حَاشَا حَرَمَ مَكَّةَ كُلَّهُ الْمَسْجِدَ وَغَيْرَهُ فَلاَ يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَدْخُلَهُ كَافِرٌ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ, وَأَبِي سُلَيْمَانَ وقال أبو حنيفة: لاَ بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَهُ الْيَهُودِيُّ, وَالنَّصْرَانِيُّ, وَمَنَعَ مِنْهُ سَائِرَ الأَدْيَانِ وَكَرِهَ مَالِكٌ دُخُولَ أَحَدٍ مِنْ الْكُفَّارِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا{. قَالَ عَلِيٌّ: فَخَصَّ اللَّهُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ, فَلاَ يَجُوزُ تَعَدِّيهِ إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ, وَقَدْ كَانَ الْحَرَمُ قَبْلَ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ زِيدَ فِيهِ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا. فَصَحَّ أَنَّ الْحَرَمَ كُلَّهُ هُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا اللَّيْثُ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ, فَخَرَجَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ قَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ, يَا مُحَمَّدُ إنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ, وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ, وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ بِإِطْلاَقِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: فَانْطَلَقَ إلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ, فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, يَا مُحَمَّدُ, وَاَللَّهِ: مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ, فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إلَيَّ, وَاَللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إلَيَّ مِنْ دِينِكَ, فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إلَيَّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَبَطَلَ قَوْلُ مَالِكٍ وأما قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ سَائِرِ الْكُفَّارِ: فَقَالَ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: إنَّ أَوَّلَ مُخَالِفٍ لِنَصِّ الآيَتَيْنِ أَبُو حَنِيفَةَ; لأَِنَّ الْمَجُوسَ عِنْدَهُ: مُشْرِكُونَ, وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الذِّكْرِ بَيْنَ الْمَجُوسِ, وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فَبَطَلَ تَعَلُّقَهُ بِعَطْفِ اللَّهِ تَعَالَى إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الآُخْرَى ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ جَرِيرٍ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا, وَهُوَ خَلَقَكَ, قَالَ: ثُمَّ أَيُّ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ. وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ: أَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ، حدثنا إسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلاَثًا الإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ, وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ, وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَوْ قَوْلُ الزُّورِ وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ, قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَمَا هُنَّ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ, وَالسِّحْرُ, وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالْحَقِّ, وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ, وَأَكْلُ الرِّبَا وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ, وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ قَالَ عَلِيٌّ: فَلَوْ كَانَ هَاهُنَا كُفْرٌ لَيْسَ شِرْكًا لَكَانَ ذَلِكَ الْكُفْرُ خَارِجًا عَنْ الْكَبَائِرِ, وَلَكَانَ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ, وَشَهَادَةُ الزُّورِ, أَعْظَمُ مِنْهُ, وَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ كُفْرٍ شِرْكٌ, وَكُلَّ شِرْكٍ كُفْرٌ, وَأَنَّهُمَا اسْمَانِ شَرْعِيَّانِ أَوْقَعَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وأما حُجَّتُهُ بِأَنَّ الْمُشْرِكَ هُوَ مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ شَرِيكًا فَقَطْ: فَهِيَ مُنْتَقِضَةٌ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّصَارَى يَجْعَلُونَ لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا يَخْلُقُ كَخَلْقِهِ, وَهُوَ يَقُولُ: إنَّهُمْ لَيْسُوا مُشْرِكِينَ وَهَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَرَاهِمَةَ, وَالْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَزَلْ, وَأَنَّ لَهُ خَالِقًا وَاحِدًا لَمْ يَزَلْ, وَالْقَائِلِينَ بِنُبُوَّةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْمُغِيرَةِ وَبُزَيْغٍ كُلُّهُمْ لاَ يَجْعَلُونَ لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا وَهُمْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُشْرِكُونَ, وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمُشْرِكُ إلاَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ التَّشْرِيكِ فِي اللُّغَةِ: وَهُوَ مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ تَعَالَى شَرِيكًا فَقَطْ: لَوَجَبَ أَنْ لاَ يَكُونَ الْكُفْرُ إلاَّ مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَأَنْكَرَهُ جُمْلَةً, لاَ مَنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَجْحَدْهُ, فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ لاَ يَكُونَ الْكُفَّارُ إلاَّ الدَّهْرِيَّةُ فَقَطْ, وَأَنْ لاَ يَكُونَ الْيَهُودُ, وَلاَ النَّصَارَى, وَلاَ الْمَجُوسُ, وَلاَ الْبَرَاهِمَةُ. كُفَّارًا; لأَِنَّهُمْ كُلُّهُمْ مُقِرُّونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى, وَهُوَ لاَ يَقُولُ بِهَذَا, وَلاَ مُسْلِمٌ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ. أَوْ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ غَطَّى شَيْئًا: كَافِرًا, فَإِنَّ الْكُفْرَ فِي اللُّغَةِ: التَّغْطِيَةُ, فَإِذَا كُلُّ هَذَا بَاطِلٌ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُمَا اسْمَانِ نَقَلَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ مَوْضُوعِهِمَا فِي اللُّغَةِ إلَى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ دِينِ اللَّهِ الإِسْلاَمِ يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ مُعَانِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ بُلُوغِ النِّذَارَةِ إلَيْهِ, وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَاللَّعِبُ, وَالزَّفْنُ مُبَاحَانِ فِي الْمَسْجِدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا جَرِيرٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: جَاءَ حَبَشٌ يَزْفِنُونَ فِي الْمَسْجِدِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَدَعَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى مَنْكِبِهِ, فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إلَى لَعِبِهِمْ, حَتَّى كُنْتُ أَنَا الَّتِي انْصَرَفْتُ. وَلاَ يَجُوزُ إنْشَادُ الضَّوَالِّ فِي الْمَسَاجِدِ: " فَمَنْ نَشَدَهَا فِيهِ قِيلَ لَهُ: لاَ وَجَدْت: لاَ رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك" حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حدثنا الْحِجِّيُّ، حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَنْشُدُ ضَالَّتَهُ يَعْنِي فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لاَ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. وَقَدْ رُوِّينَا أَيْضًا " لاَ وَجَدْت ". وَلاَ يَجُوزُ الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ فَمَنْ بَالَ فِيهِ صُبَّ عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ, وَلاَ يَجُوزُ الْبُصَاقُ, فَمَنْ بَصَقَ فِيهِ فَلْيَدْفِنْ بَصْقَتَهُ. وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يُبْنَى مَسْجِدٌ بِذَهَبٍ, وَلاَ فِضَّةٍ, إلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ خَاصَّةً حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا. وَرُوِّينَا الْقَوْلَ بِذَلِكَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَمُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ, فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ, أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ, فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ قَالَ عَلِيٌّ: أَمْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَنْظِيفِ الْمَسَاجِدِ وَتَطْيِيبِهَا كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ يَقْتَضِي كُلَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ تَنْظِيفٍ وَتَطْيِيبٍ, وَالتَّنْظِيفُ وَالتَّطْيِيبُ: يُوجِبَانِ إبْعَادَ كُلِّ مُحَرَّمٍ, وَكُلِّ قَذِرٍ, وَكُلِّ قُمَامَةٍ, فَلاَ بُدَّ مِنْ إذْهَابِ عَيْنِ الْبَوْلِ وَغَيْرِهِ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَمَرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَمْرُو بْنُ الْعَبَّاسِ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: جَلَسْت إلَى شَيْبَةَ يَعْنِي ابْنَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي طَلْحَةَ الْحَجَبِيِّ قَالَ: جَلَسَ إلَيَّ عُمَرُ فِي مَجْلِسِك هَذَا فَقَالَ: هَمَمْت أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ، وَلاَ بَيْضَاءَ إلاَّ قَسَمْتهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ, قُلْت: مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ, قَالَ: لِمَ قُلْت: لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاك, قَالَ: هُمَا الْمَرْءَانِ يُقْتَدَى بِهِمَا ". وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: إذَا حَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ, وَزَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ: فَالدَّمَارُ عَلَيْكُمْ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: إنَّ الْقَوْمَ إذَا زَيَّنُوا مَسَاجِدَهُمْ: فَسَدَتْ أَعْمَالُهُمْ, وَأَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ عَلَى مَسْجِدٍ لِلتَّيْمِ مَشُوفٍ فَكَانَ يَقُولُ: هَذِهِ بِيعَةُ التَّيْمِ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا: لاَ تُحَمِّرْ, وَلاَ تُصَفِّرْ . وَلاَ يَحِلُّ بِنَاءُ مَسْجِدٍ عَلَيْهِ بَيْتٌ مُتَمَلَّكٌ لَيْسَ مِنْ الْمَسْجِدِ, وَلاَ بِنَاءُ مَسْجِدٍ تَحْتَهُ بَيْتٌ مُتَمَلَّكٌ لَيْسَ مِنْهُ. فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَسْجِدًا, وَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ بَانِيهِ كَمَا كَانَ بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الْهَوَاءَ لاَ يُتَمَلَّكُ, لأَِنَّهُ لاَ يُضْبَطُ، وَلاَ يَسْتَقِرُّ وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ إذَا بَنِي عَلَى الأَرْضِ مَسْجِدًا وَشَرَطَ الْهَوَاءَ لَهُ يَعْمَلُ فِيهِ مَا شَاءَ: فَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ مِلْكِهِ إلاَّ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَأَيْضًا: فَإِذَا عَمِلَ مَسْجِدًا عَلَى الأَرْضِ وَأَبْقَى الْهَوَاءَ لِنَفْسِهِ: فَإِنْ كَانَ السَّقْفُ لَهُ فَهَذَا مَسْجِدٌ لاَ سَقْفَ لَهُ, وَلاَ يَكُونُ بِنَاءٌ بِلاَ سَقْفٍ أَصْلاً. وَإِنْ كَانَ السَّقْفُ لِلْمَسْجِدِ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ. وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ فِي الْعُلْوِ وَالسَّقْفُ لِلْمَسْجِدِ: فَهَذَا مَسْجِدٌ لاَ أَرْضَ لَهُ, وَهَذَا بَاطِلٌ. فَإِنْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ فَلاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ, فَإِنَّمَا أَبْقَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا بِلاَ سَقْفٍ, وَهَذَا مُحَالٌ وَأَيْضًا: فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ سُفْلاً فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى رُءُوسِ حِيطَانِهِ شَيْئًا, وَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ بَاطِلٌ; لأَِنَّهُ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ عُلْوًا, فَلَهُ هَدْمُ حِيطَانِهِ مَتَى شَاءَ, وَفِي ذَلِكَ هَدْمُ الْمَسْجِدِ وَانْكِفَاؤُهُ، وَلاَ يَحِلُّ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ; لأَِنَّهُ مَنْعٌ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ, وَهَذَا لاَ يَحِلُّ.
وَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي الْمَسَاجِدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى وَالصَّلاَةُ الْوُسْطَى: هِيَ الْعَصْرُ, وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ: فَصَحَّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ, وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهَا الظُّهْرُ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ, وَابْنِ عُمَرَ بِاخْتِلاَفٍ عنهم وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جُمْلَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ: أَنَّهَا الصُّبْحُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَابْنِ عُمَرَ بِاخْتِلاَفٍ عنهما. وَعَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ وَهُوَ قَوْل: طَاوُسٍ, وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ, وَعِكْرِمَةَ, وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَعَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَنَّهَا الْمَغْرِبُ. وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، أَنَّهُ قَالَ: هِيَ الْعَتَمَةُ وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا الْعَصْرُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا الظُّهْرُ: بِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ, وَالنَّاسُ فِي قَائِلَتِهِمْ وَأَسْوَاقِهِمْ, وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ الصَّفُّ وَالصَّفَّانِ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ فِي هَذَا بَيَانٌ جَلِيٌّ بِأَنَّهَا الظُّهْرُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا الْمَغْرِبُ بِأَنَّ أَوَّلَ الصَّلَوَاتِ فُرِضَتْ الظُّهْرُ, فَهِيَ الآُولَى, وَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ الآُولَى, وَبَعْدَهَا الْعَصْرُ, صَلاَتَانِ لِلنَّهَارِ, فَالْمَغْرِبُ هِيَ الْوُسْطَى, وَبِأَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا إلاَّ وَقْتًا وَاحِدًا قال علي: وهذا لاَ حُجَّةَ فِيهِ, لأَِنَّهَا خَمْسٌ أَبَدًا بِالْعَدَدِ مِنْ حَيْثُ شِئْت, فَالثَّالِثَةُ الْوُسْطَى, وَمَنْ جَعَلَ لَهَا وَقْتًا وَاحِدًا فَقَدْ أَخْطَأَ, إذْ قَدْ صَحَّ النَّصُّ بِأَنَّ لَهَا وَقْتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا: " الْعَتَمَةُ " حُجَّةً نَشْتَغِلُ بِهَا وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: إنَّهَا الصُّبْحُ بِأَنْ قَالَ: إنَّهَا تُصَلَّى فِي سَوَادٍ مِنْ اللَّيْلِ وَبَيَاضٍ مِنْ النَّهَارِ قال علي: وهذا لاَ شَيْءَ, لأَِنَّ الْمَغْرِبَ تُشَارِكُهَا فِي هَذِهِ الصِّفَةِ, وَلَيْسَ فِي كَوْنِهَا كَذَلِكَ بَيَانٌ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا الصَّلاَةُ الْوُسْطَى. وَقَالُوا: قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً, وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لَيْلَةٍ قَالَ عَلِيٌّ: لَيْسَ فِي هَذَا تَفْضِيلٌ لَهَا عَلَى الظُّهْرِ, وَلاَ عَلَى الْعَصْرِ, وَلاَ عَلَى الْمَغْرِبِ, وَإِنَّمَا فِيهِ تَفْضِيلُهَا عَلَى الْعَتَمَةِ فَقَطْ, وَلَيْسَ فِي هَذَا بَيَانُ: أَنَّهَا الصَّلاَةُ الْوُسْطَى. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ فَاتَهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَذَكَرُوا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَتَعَاقَبُ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ, يَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ قَالَ عَلِيٌّ: قَدْ شَارَكَهَا فِي هَذَا صَلاَةُ الْعَصْرِ, وَلَيْسَ فِي هَذَا بَيَانٌ بِأَنَّ إحْدَاهُمَا هِيَ الصَّلاَةُ الْوُسْطَى. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ عليه السلام: إنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلاَةٍ قَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا. وَمَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَلاَ فَرْقَ. وَذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَعَاقَبُ فِي الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ, فَقُرْآنُ الْعَصْرِ مَشْهُودٌ كَقُرْآنِ الْفَجْرِ، وَلاَ فَرْقَ. وَلَيْسَ فِي قوله تعالى: وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا أَصْعَبُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُصَلِّينَ, فِي الشِّتَاءِ: لِلْبَرْدِ, وَفِي الصَّيْفِ: لِلنَّوْمِ, وَقِصَرِ اللَّيَالِيِ. قال علي: وهذا لاَ دَلِيلَ فِيهِ أَصْلاً عَلَى أَنَّهَا الْوُسْطَى, وَالظُّهْرُ يَشْتَدُّ فِيهَا الْحَرُّ حَتَّى تَكُونَ أَصْعَبَ الصَّلَوَاتِ, كَمَا قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. قال علي: هذا كُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ, لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ حُجَّةٌ, وَإِنَّمَا هِيَ ظُنُونٌ كَاذِبَةٌ, وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: نَجْعَلُ كُلَّ صَلاَةٍ هِيَ الْوُسْطَى قال علي: وهذا لاَ يَجُوزُ, لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَصَّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صَلاَةً وَاحِدَةً, فَلاَ يَحِلُّ حَمْلُهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ, وَلاَ عَلَى غَيْرِ الَّتِي أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا, فَيَكُونُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ كَاذِبًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ عَلِيٌّ: فَوَجَبَ طَلَبُ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ الْوُسْطَى مِنْ بَيَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ تَعَالَى: وَقَالَ الْمُسْنَدِيُّ حدثنا يَزِيدُ, ثُمَّ اتَّفَقَ يَزِيدُ وَيَحْيَى قَالاَ: أَنَا هِشَامُ، هُوَ ابْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ, مَلاََ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ أَجْوَافَهُمْ نَارًا. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالاَ حدثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْت قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ هُوَ مُسْلِمٌ الأَجْرَدُ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَحْزَابِ: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى حَتَّى آبَتْ الشَّمْسُ, مَلاََ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا هَذَا لَفْظُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ, وَلَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ قُبُورَهُمْ أَوْ بُيُوتَهُمْ أَوْ بُطُونَهُمْ نَارًا. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ دُحَيْمٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ حَمَّادٍ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ, عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُبَيْدَةَ: سَلْ عَلِيًّا عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى فَسَأَلَهُ, فَقَالَ: كُنَّا نَرَاهَا صَلاَةَ الْفَجْرِ, حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ الأَحْزَابِ: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ, مَلاََ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ أَوْ بُيُوتَهُمْ نَارًا. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ وَأَبِي كُرَيْبٍ قَالُوا حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم . وَشُتَيْرٌ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ, وَأَبُوهُ أَحَدُ الصَّحَابَةِ, وَقَدْ سَمِعَهُ شُتَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ. فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ لاَ يَسَعُ الْخُرُوجُ عَنْهَا, وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ, كَمَا نَذْكُرُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ عَلِيٌّ: فَتَعَلَّلَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ بِأَنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَتْ بِخَطِّ يَدِهَا فِي مُصْحَفِهَا حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَبِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَتْهُ أَنْ يَنْسَخَ لَهَا مُصْحَفًا, وَأَمَرَتْهُ أَنْ يَكْتُبَ فِيهِ إذَا بَلَغَ إلَى هَذَا الْمَكَانِ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. وَعَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا أَمْلَتْ عَلَيْهِ فِي مُصْحَفٍ كَتَبَهُ لَهَا: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ وَقَالَتْ: " سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ". وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ: كَانَ فِي مُصْحَفِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ " وَعَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ يَقْرَؤُهَا: عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ. قَالُوا: فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ صَلاَةَ الْعَصْرِ قال علي: هذا اعْتِرَاضٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ, لأَِنَّهُ كُلَّهُ لَيْسَ مِنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ, وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى حَفْصَةَ, وَأُمِّ سَلَمَةَ, وَعَائِشَةَ: أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ, حَاشَا رِوَايَةَ عَائِشَةَ فَقَطْ. وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعَارَضَ نَصُّ كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَلاَمِ غَيْرِهِ فَإِنْ وَهَّنُوا تِلْكَ الرِّوَايَاتِ قِيلَ لَهُمْ: هَذِهِ الرِّوَايَاتُ هِيَ الْوَاهِيَةُ وَهَذَا كُلُّهُ لاَ يَجُوزُ ثم نقول لَهُمْ: مِنْ الْعَجَبِ احْتِجَاجُكُمْ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي أَنْتُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى أَنَّهَا لاَ يَحِلُّ لأَِحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ بِهَا, وَلاَ أَنْ يَكْتُبَهَا فِي مُصْحَفِهِ, وَفِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّهَا رِوَايَاتٌ لاَ تَقُومُ بِهَا حُجَّةٌ وَكُلُّ مَا كَانَ عَمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلاَ حُجَّةَ فِيهِ, لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِالرَّدِّ إلَى أَحَدٍ غَيْرِ كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم لاَ إلَى غَيْرِهِمَا فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى, وَخَالَفَ أَمْرَهُ, فَهَذَا بُرْهَانٌ كَافٍ ثُمَّ آخَرُ, وَهُوَ: أَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ تَعَارَضَتْ عَنْ هَؤُلاَءِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ: عَلَى أَنْ نُسَلِّمَ لَكُمْ كُلَّ مَا تُرِيدُونَ فِي مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي فِي هَذِهِ الآثَارِ وَهِيَ أَنَّنَا رُوِّينَا خَبَرَ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَتْ مُصْحَفًا فَقَالَتْ: اُكْتُبْ " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ هَكَذَا بِلاَ وَاوٍ وأما خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ هَكَذَا بِلاَ وَاوٍ فَاخْتَلَفَ وَكِيعٌ, وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَلَى دَاوُد بْنِ قَيْسٍ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ. وَاخْتَلَفَ وَكِيعٌ, وَيَحْيَى عَلَى شُعْبَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَلَيْسَ وَكِيعٌ دُونَ يَحْيَى، وَلاَ دُونَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وأما خَبَرُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَجْلُوبِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ خَالِدِ الْحَذَّاءَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ قَالَ: فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ صَلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ دُونَ الآُولَى, فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَيْضًا وأما خَبَرُ عَائِشَةَ فَإِنَّنَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ أَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ فَهَذِهِ أَصَحُّ رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ ثِقَةٌ رَوَى عَنْهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَوَكِيعٌ, وَمَعْمَرٌ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ, وَغَيْرُهُمْ. فَبَطَلَ التَّعَلُّقُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا قَبْلُ, إذْ لَيْسَ بَعْضُ مَا رُوِيَ عَنْ هَؤُلاَءِ الْمَذْكُورِينَ بِأُولَى مِنْ بَعْضٍ, وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى مَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ, وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ عليه السلام إلاَّ أَنَّ الصَّلاَةَ الْوُسْطَى: صَلاَةُ الْعَصْرِ فإن قيل: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي أُورِدَتْ عَنْ حَفْصَةَ, وَعَائِشَةَ, وَأُمِّ سَلَمَةَ, وَأُبَيٍّ, وَابْنِ عَبَّاسٍ: الَّتِي فِيهَا " وَصَلاَةُ الْعَصْرِ " وَاَلَّتِي فِيهَا " صَلاَةُ الْعَصْرِ " عنهم " بِلاَ وَاوٍ " حَاشَا حَفْصَةَ وَكَيْفَ تَقُولُونَ فِي الْقِرَاءَةِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ, وَهِيَ لاَ تَحِلُّ الْقِرَاءَةُ بِهَا الْيَوْمَ فَجَوَابُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: أَنَّ الَّذِي يُظَنُّ مِنْ اخْتِلاَفِ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ اخْتِلاَفًا, بَلْ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ مَعَ " الْوَاوِ " وَمَعَ إسْقَاطِهَا سَوَاءٌ, وَهُوَ أَنَّهَا تَعْطِفُ الصِّفَةَ عَلَى الصِّفَةِ, لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ. كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكَمَا تَقُولُ: أَكْرِمْ إخْوَانَك, وَأَبَا زَيْدٍ الْكَرِيمِ وَالْحَسِيبِ أَخَا مُحَمَّدٍ فَأَبُو زَيْدٍ هُوَ الْحَسِيبُ, وَهُوَ أَخُو مُحَمَّدٍ. فَقَوْلُهُ " وَصَلاَةُ الْعَصْرِ " بَيَانٌ لِلصَّلاَةِ الْوُسْطَى فَهِيَ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلاَةُ الْعَصْرِ. وأما قَوْلُهُ عليه السلام شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى صَلاَةِ الْعَصْرِ فَلاَ يَحْتَمِلُ تَأْوِيلاً أَصْلاً, فَوَجَبَ بِذَلِكَ حَمْلُ قَوْلِهِ عليه السلام وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ عَلَى أَنَّهَا عَطْفُ صِفَةٍ عَلَى صِفَةٍ، وَلاَ بُدَّ وَيُبَيِّنُ أَيْضًا صِحَّةَ هَذَا التَّأْوِيلِ عنهم مَا قَدْ أَوْرَدْنَاهُ عنهم أَنْفُسَهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ " وَالصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ ". وَصَحَّتْ الرِّوَايَةُ عَنْ عَائِشَةَ بِأَنَّهَا الْعَصْرُ, وَهِيَ الَّتِي رَوَتْ نُزُولَ الآيَةِ فِيهَا " وَصَلاَةُ الْعَصْرِ " فَصَحَّ أَنَّهَا عَرَفَتْ أَنَّهَا صِفَةٌ لِصَلاَةِ الْعَصْرِ, وَهِيَ سَمِعَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتْلُوهَا كَذَلِكَ, وَبِهَذَا ارْتَفَعَ الاِضْطِرَابُ عنهم, وَتَتَّفِقُ أَقْوَالُهُمْ, وَيَصِحُّ كُلُّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ, وَيَنْتَفِي عَنْهُ الاِخْتِلاَفُ, وَحَاشَا لِلَّهِ أَنْ يَأْتِيَ اضْطِرَابٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَمَنْ أَبَى مِنْ هَذَا لَمْ يَحْصُلْ عَلَى مَا يُرِيدُ, وَوَجَبَ الاِضْطِرَابُ فِي الرِّوَايَةِ عنهم وَلَمْ يَكُنْ بَعْضُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ, وَوَجَبَ سُقُوطُ الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا, وَصَحَّ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَطَلَ الاِعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِرِوَايَاتٍ اضْطَرَبَ عَلَى أَصْحَابِهَا بِمَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْمُخَالِفُ, وَبِمَا لاَ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ مِمَّا يُوَافِقُ قَوْلَنَا, وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وأما الْقِرَاءَةُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَلاَ تَحِلُّ, وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَزِيدَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ, وَأُبَيٌّ, وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْقُرْآنِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا: هُوَ أَنَّ تِلْكَ اللَّفْظَةَ كَانَتْ مُنَزَّلَةً ثُمَّ نُسِخَ لَفْظُهَا: كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبِدِ الرَّحْمَانِ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ حُمَيْدٍ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى فَقَالَتْ: كُنَّا نَقْرَؤُهَا فِي الْحَرْفِ الأَوَّلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَصَلاَةِ الْعَصْرِ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حدثنا الْفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ " نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّهُ, ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَنَزَلَتْ: وَقَدْ يُثْبِتُهَا مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَعْنَى التَّفْسِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ بِهَذَا مِنْ السَّلَفِ طَائِفَةٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ. وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، حدثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعٍ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلَ عَنْ الصَّلاَةِ الْوُسْطَى فَقَالَ لِلَّذِي سَأَلَهُ: أَلَسْت تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ: بَلَى, قَالَ: فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْك بِهَذَا الْقُرْآنِ حَتَّى تَفْهَمَهَا, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَالَ: مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ الْعَتَمَةُ. وَقَالَ: ثُمَّ قَالَ: وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى الصَّلاَةَ الْوُسْطَى: صَلاَةَ الْعَصْرِ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ هُوَ يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ الْمَرَاغِيُّ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى صَلاَةُ الْعَصْرِ. وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَعَنْ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الصَّلاَةِ الْوُسْطَى قَالَ: هِيَ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا ابْنُ دَاوُد يَعْنِي صَلاَةَ الْعَصْرِ. وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ أَبِي حَيَّانَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ التَّيْمِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي: أَنَّ سَائِلاً سَأَلَ عَلِيًّا: أَيُّ الصَّلَوَاتِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْوُسْطَى وَقَدْ نَادَى مُنَادِيهِ الْعَصْرَ, فَقَالَ: هِيَ هَذِهِ. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ يَصِحُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَلاَ عَنْ عَائِشَةَ: غَيْرُ هَذَا أَصْلاً. وَقَدْ رُوِّينَا قَبْلُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ, وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ. وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى: صَلاَةُ الْعَصْرِ وَعَنْ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى: صَلاَةُ الْعَصْرِ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى: صَلاَةُ الْعَصْرِ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ قَالَ: الصَّلاَةُ الْوُسْطَى: صَلاَةُ الْعَصْرِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ, وَأَبِي حَنِيفَةَ, وَالشَّافِعِيِّ, وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ, وَدَاوُد, وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِمْ, وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مُسْنَدًا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَمُرَةَ.
وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ إثْرَ كُلِّ صَلاَةٍ حَسَنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرٍو قَالَ سَمِعْته يُحَدِّثُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ " مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ بِالتَّكْبِيرِ " قَالَ عَلِيٌّ: فإن قيل: قَدْ نَسِيَ أَبُو مَعْبَدٍ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَنْكَرَهُ قلنا: فَكَانَ مَاذَا عَمْرٌو أَوْثَقُ الثِّقَاتِ, وَالنِّسْيَانُ لاَ يَعْرَى مِنْهُ آدَمِيٌّ. وَالْحُجَّةُ قَدْ قَامَتْ بِرِوَايَةِ الثِّقَةِ .
وَجُلُوسُ الإِمَامِ فِي مُصَلاَّهُ بَعْدَ سَلاَمِهِ حَسَنٌ مُبَاحٌ لاَ يُكْرَهُ, وَإِنْ قَامَ سَاعَةَ يُسَلِّمُ فَحَسَنٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الْجَحْدَرِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ رَمَقْتُ الصَّلاَةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ, فَسَجَدْتَهُ, فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ, فَسَجْدَتَهُ, فَجِلْسَتَهُ, وَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالاِنْصِرَافِ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَتْنِي هِنْدٌ الْفِرَاسِيَّةُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ إذَا سَلَّمْنَ مِنْ الصَّلاَةِ قُمْنَ, وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ, فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ الرِّجَالُ وَقَدْ صَحَّتْ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مُسْنَدَةٌ تَدُلُّ عَلَى هَذَا وَبِهِ إلَى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ, فَلَمَّا صَلَّى انْحَرَفَ قَالَ عَلِيٌّ: وَكِلاَ الأَمْرَيْنِ مَأْثُورٌ عَنْ السَّلَفِ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ حَتَّى يَقُومَ وَرُوِّينَا خِلاَفَ ذَلِكَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ: أَيَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ قَالَ: نَعَمْ, وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ إمَامٍ وَغَيْرِ إمَامٍ. وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ ثُمَّ يَتَطَوَّعُ فِي مَكَانِهِ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَدْ كَانَ يَجْلِسُ الإِمَامُ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ, قِيلَ لِطَاوُسٍ: أَيَتَحَوَّلُ الرَّجُلُ إذَا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ مِنْ مَكَانِهِ لِيَتَطَوَّعَ فَقَالَ: أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ .
وَمَنْ وَجَدَ الإِمَامَ جَالِسًا فِي آخِرِ صَلاَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ, سَوَاءٌ طَمِعَ بِإِدْرَاكِ الصَّلاَةِ مِنْ أَوَّلِهَا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يَطْمَعْ, فَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ سَلَّمَ, فَإِنْ طَمِعَ بِإِدْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لاَ مَشَقَّةَ فِي قَصْدِهِ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ النُّهُوضُ إلَيْهِ، وَلاَ يَجُوزُ الإِسْرَاعُ إلَى الصَّلاَةِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا قَدْ اُبْتُدِئَتْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حدثنا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ, فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إلَى الصَّلاَةِ قَالَ: فَلاَ تَفْعَلُوا, إذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاَةَ فَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا, وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ حدثنا آدَم، حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إذَا سَمِعْتُمْ الإِقَامَةَ فَامْشُوا إلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا, وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا فَهَذَا عُمُومٌ لِمَا أَدْرَكَهُ الْمَرْءُ مِنْ الصَّلاَةِ, قَلَّ أَمْ كَثُرَ, وَهَذَانِ الْخَبَرَانِ زَائِدَانِ عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصَّلاَةِ مَعَ الإِمَامِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ، وَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ الأَخْذِ بِالزِّيَادَةِ. وَرُوِّينَا عن ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ أَدْرَكَ قَوْمًا جُلُوسًا فِي آخِرِ صَلاَتِهِمْ فَقَالَ: أَدْرَكْتُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ: مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا أَدْرَكَهُمْ سُجُودًا سَجَدَ مَعَهُمْ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, قُلْت لِعَطَاءٍ: إنْ سَمِعَ الإِقَامَةَ أَوْ الأَذَانَ وَهُوَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ أَيَقْطَعُ صَلاَتَهُ وَيَأْتِي الْجَمَاعَةَ قَالَ: إنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ شَيْئًا فَنَعَمْ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّهُ جَاءَ قَوْمًا فَوَجَدَهُمْ قَدْ صَلَّوْا, فَسَمِعَ مُؤَذِّنًا فَخَرَجَ إلَيْهِ وَرُوِّينَا: أَنَّ الأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ فَعَلَهُ أَيْضًا وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مُقْبِلاً إلَى صَلاَةٍ فَلْيَمْشِ عَلَى رِسْلِهِ فَإِنَّهُ فِي صَلاَةٍ, فَمَا أَدْرَكَ فَلْيُصَلِّ, وَمَا فَاتَهُ فَلْيَقْضِهِ بَعْدُ, قَالَ عَطَاءٌ وَإِنِّي لاََصْنَعُهُ وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: أُقِيمَتْ الصَّلاَةُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَيَّ فَجَعَلَ يُقَارِبُ بَيْنَ الْخُطَا, فَانْتَهَيْنَا إلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ سُبِقْنَا بِرَكْعَةٍ, فَصَلَّيْنَا مَعَ الإِمَامِ وَقَضَيْنَا مَا فَاتَنَا, فَقَالَ لِي أَنَسٌ: يَا ثَابِتٌ أَغَمَّك مَا صَنَعْتُ بِك قُلْت: نَعَمْ, قَالَ: صَنَعَهُ بِي أَخِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ: مَنْ أَقْبَلَ لِيَشْهَدَ الصَّلاَةَ فَأُقِيمَتْ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ فَلاَ يُسْرِعُ، وَلاَ يَزِدْ عَلَى مِشْيَتِهِ الآُولَى, فَمَا أَدْرَكَ فَلْيُصَلِّ مَعَ الإِمَامِ, وَمَا لَمْ يُدْرِكْ فَلْيُتِمَّهُ. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنَ زِيَادٍ أَنَّ الزُّبَيْرَ أَدْرَكَهُ وَهُوَ يُعَجِّلُ إلَى الْمَسْجِدِ, فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْرُ: أَقْصِدْ, فَإِنَّك فِي صَلاَةٍ, لاَ تَخْطُو خُطْوَةً إلاَّ رَفَعَك اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً أَوْ حَطَّ عَنْك بِهَا خَطِيئَةً قَالَ عَلِيٌّ: وَحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ, فَقَالَ " اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا ". وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ: فِيهِمَا النَّهْيُ عَنْ الإِسْرَاعِ أَيْضًا .
وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يَنْصَرِفَ عَنْ يَمِينِهِ فَإِنْ انْصَرَفَ عَنْ شِمَالِهِ فَمُبَاحٌ, لاَ حَرَجَ فِي ذَلِكَ، وَلاَ كَرَاهَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ, حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حدثنا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ سَمِعْت أَبِي عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ, وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. وَرُوِّينَا عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ السُّدِّيَّ: سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: كَيْفَ أَنْصَرِفُ إذَا صَلَّيْت قَالَ: أَمَّا أَنَا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْصَرِفُ عَلَى يَمِينِهِ وَعَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عن ابْنِ مَسْعُودٍ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ, قَالَ عُمَارَةُ: فَرَأَيْتُ حِجْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ.
وَمَنْ وَجَدَ الإِمَامَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا فَلاَ يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا, لَكِنْ يُكَبِّرُ وَهُوَ فِي الْحَالِ الَّتِي يَجِدُ إمَامَهُ عَلَيْهَا وَلاَ بُدَّ, تَكْبِيرَتَيْنِ، وَلاَ بُدَّ, إحْدَاهُمَا لِلإِحْرَامِ بِالصَّلاَةِ, وَالثَّانِيَةِ لِلْحَالِ الَّتِي هُوَ فِيهَا. لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ. وَلِقَوْلِهِ عليه السلام: مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. فَأَمَرَ عليه السلام بِالاِئْتِمَامِ بِالإِمَامِ, وَالاِئْتِمَامُ بِهِ: هُوَ أَنْ لاَ يُخَالِفَهُ الإِنْسَانُ فِي جَمِيعِ عَمَلِهِ, وَمَنْ كَبَّرَ قَائِمًا وَالإِمَامُ غَيْرُ قَائِمٍ فَلَمْ يَأْتَمَّ بِهِ, فَقَدْ صَلَّى بِخِلاَفِ مَا أُمِرَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ مِنْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهِ إلاَّ بَعْدَ تَمَامِ صَلاَةِ الإِمَامِ لاَ قَبْلَ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
|